2010/07/03

سيب وانا اسيب ( أولويات التغيير )

رأيان يتناطحان حول أولويات التغيير : هل يجب تغيير نظام الحكم أولا .. أم يجب أن يغير الناس أنفسهم وبالتالى سيتغير الحاكم طوعا
أو كرها . ونتيجة لما نراه ونلمسه من شيوع التسيب والرشوه والكذب وروح الخلاص الفردى .. لايستطيع عاقلا أن ينكر أو يرفض
وجوب تغيير الناس لمفاهيمهم وسلوكياتهم وأن يتخلوا عن سلبيتهم ..الخ الخ
ولكن المتعارف عليه أن أى نظريه لاتثبت مصداقيتها الا بعرضها على الواقع .. وبالنظر الى الحاله المصريه فقد فرضت الجغرافيا ووجود نهر النيل كمصدر للحياة أن يكون الحكم فيها مركزيا منذ الأزل , وبالتالى يفرض الحاكم رؤيته أو رغبته أو حتى نزوته على الناس منذ أيام الفراعنه وحتى وقتنا هذا باستثناءات تاريخيه قد يحدث فيها توافق بين رؤية الحاكم واحتياجات الشعب .
الحاكم اذن هو من يضع الأولويات ويحدد مصارف الميزانيات ويوجه حتى معتقدات الشعب الدينيه لما يخدم ديمومة حكمه ومصالح حاشيته والمنتفعين من وجوده .
وكما هو الحادث الان - مثلا - يحظى التعليم بميزانية لاتعلم أحدا .. وتحصل الصحة على ميزانية لاتصحح شيئا .. ويستميت المشايخ الرسميون فى اظهار الطاعة وتطويع النصوص وتأويلها لتصب فى نفس الاهدف الأسمى !! .. وحتى الشيوخ الذين أفرزتهم الفضائيات
ويسيطرون على وجدان أعداد غفيره من البسطاء وأنصاف المثقفين .. جل اهتمامهم هو الثعبان الأقرع وطقوس دخول الحمام , ولم نجد منهم من يدافع عمن يعذبون فى أقسام الشرطه أو حقوق عمال تهدر .. الخ الخ .
وهكذا .. بينما تتضاءل مخصصات التعليم والصحه التى هى أبسط حقوق البشر و أيضا أهم عوامل التنميه .. تتعاظم ميزانيات الأمن عاما بعد عام ولا يرد لها طلبا .
ولن نعيد اختراع العجله عندما نقول أن التعليم ( الحقيقى ) هو الوعى والاستناره والرقى وهو كلمة السر ( لم تعد سرا ) التى يعرفها العالم أجمع , وكان السبيل الوحيد للنمو والازدهار لكل الأمم التى تتصدر قائمة التقدم , وقد يكون اهماله مقصودا لأن قيادة شعب جاهل ومتفكك ومترهل أسهل كثيرا من قيادة شعب واع ومدرك لحقوقه وواجباته , وقد يكون غير مقصود وانما هو نتاج عدم وجود رؤيه مستقبليه لدى حكامنا وانعدام كفاءتهم , وأن كل همهم ينحصر فى ترقيع الثقوب حتى تسير المركب بهم الى بر أمانهم , وذلك هو الاستقرار الذى يصدعوننا به ليل نهار ولا يعنى فى الحقيقه الا استقرارهم على كراسيهم دون ازعاج أو كدر .
قبل أن أختتم , أؤكد أن السعى للحريه ليس كصلاة الاستسقاء لاستجلاب المطر .. وانما هى معركة يجب أن نخوضها ونحن نعلم أن دماء ستنزف وأرواحا ستزهق .
وأخيرا أريد فقط أن أذكر أن دول الغرب قبل أن تبدأ مسيرتها الديموقراطيه كانت تعج بالخرافات والدجل والظلم وسيطرة أقليات حاكمه ومنتفعه , وأن دولا مازالت فقيره وينتشر فيها الفقر والجهل استطاعت شعوبها أن تنتزع حريتها وتخطو نحو العداله والتقدم ,
أى أن الديموقراطيه ليست لها مواصفات وشروطا تعجيزيه كما يحاول أن يروج البعض , وانما شرطها الوحيد أن ندفع ثمنها وأن نؤمن أنها تستحق .

ليست هناك تعليقات: